الثلاثاء، 20 ديسمبر 2011

مرت سنة

لا أدري لماذا أشعر بأن عام 2011 كان عاما طويلا و مليئا بالأحداث ، أشعر بأني كبرت 5 أعوام ... و كعادتي في نهاية كل عام أحاول أن أقيم ما تم إنجازه و ما يجب أن ينجز ولكني هذه المرة أشعر بأن المتغيرات أصبحت أكثر تعقيدا و أكثر تعددا 

لقد قرأت الكثير في هذا العام عن الابداع و الابتكار و عن الاساليب الحديثة لتحفيز من حولي و فهم عقولهم و رغباتهم ولكني أعترف بأني فشلت .. أو على أقل تقدير هذا ما أشعر به ... 

لا أريد أن أبرر ولكني أشعر بأن نفسيات الناس تغيرت ... تفكيرهم متشتت ... غاياتهم غير معروفة ولكنهم لازالوا يعيشون في هذه الدنيا ولا زالوا يعملون لكن بلا وعي و بلا تحديد لأي هدف أو غاية. 

دائما أفكر في إبني و في مستقبل الأجيال القادمة وأشعر بأننا مقصرون في حقهم ، عام يأتي و أخر يمضي و نحن العرب لازلنا نفكر في توافه الأمور و نقضي وقتا طويلا نتحدث عن هذا وذاك و كيف و لماذ و نحلل لكن دون نتيجة. 

عندما أراجع شريط هذا العام أتوتر ... نعم فإنجازاتي في هذا العام إقتصرت على ما خططت إليه دون أية زيادة أو أي تطور يذكر ، لا أشعر بأني أبدعت كما يجب قد أكون قاس في حكمي على نفسي لكني تعلمت أن النجاح هو أن تسعى لأفضل مما تقدر عليه 

أتذكر دائما قول أساتذتي و دكاترتي .. دائما كانوا يقولون إن النجاح يحتاج الى بذل الجهد بالاتجاه الصحيح و الوقت الصحيح ، فماذا لو كان هذا الوقت هو ليس الوقت الصحيح. 

لقد شغلت السياسة الناس عن التفكير في مستقبلهم بل وشغلتهم عن عائلاتهم و أسرهم ، عندما أنظر الى مواقع التواصل الإجتماعي أشعر بإحباط كل من حولي فبعضهم يبحث له عن مكان في هذه الدنيا و يعتقد أنه سيجده على صفحة إلكترونية و أخر يعتقد أن موافقته لأراء بعض اصحاب النفوذ هو دليل على نجاحه و يعزي نفسه بذلك و أخر يتاجر بقضايا الوطن و المواطن و يزعم الوطنية و حب العروبة وأخر لا يدري لما هو هنا الا لان الفراغ يقتله ، أما من يعتقد بأنه من المثقفين فيحاول أن يتاجر بثقافته و علمه و أخر يدعي الشرف و النزاهة و هو أسوء من على الأرض و أقذر من القذارة نفسها و و و ... من حق كل إنسان أن يفكر و يعبر عن رأيه و هذا رأيي ببعض من حولي و قد يكون لهم نفس الرأي تجاهي ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ، أليس هذا التشتت في منظومات التفكير يدل على عدم الاستقرار الفكري ... ألا يدل أيضا على وجود فجوة في عقول البعض .. ألا يدل على خطورة نشر بعض الأفكار التي من شأنها أن تنسف  كل ما تعلمناه من أجدادنا من أخلاق و قيم.... و يبقى السؤال ماذا بعد؟ 

أما الجانب الاقتصادي فحدث ولا حرج ، تخبط و تدهور غير مسبوق ، بحكم عملي القريب من الشركات الصناعية و إلتقائي بكثير منهم أشعر بأن ما ذكرته عن التشت الفكري قد غزا الاقتصاد بشكل غير مسبوق فبالرغم من وجود الكثير من الفرص الا أن التحديات أيضا تبقى كبيرة و أكبرها بلا شك التحدي الفكري ... حتى اليوم لم تنضج عقلية الكثير من التجار و الصناعيين الأردنيين لتحاكي الواقع العالمي فأسلوب "سيدي و ستي" لازال يشغل عقول أكثرهم الا من رحم ربي... إهمال العنصر البشري في المعادلة الإقتصادية يشكل أكبر المخاطر التي نتعرض لها اليوم ، ما قيمة العامل للمؤسسة ؟ لا شيء .. يمكن الأستغناء عنه ... الناس مش ملاقية شغل و ممكن أجيب بداله 10 و بنص الراتب ... طيب وين البعد الإنساني ؟ مين الي وظفه و ليش وصل لهاي المرحلة ؟ مين الي خلاه نكرة و غير قادر على الإبداع و التطوير ؟ هل يعقل أن يرفض أي إنسان أن يتطور ؟ أكيد لا .. هل يعقل أن يرفض أي أنسان أن يزيد القيمة المضافة الى عمله ؟ أكيد لا ... إذا أين الخلل ؟ برأيي المتواضع الخلل يكمن في أختيار الشخص الخطأ للوظيفة الخطأ إضافة الى أن الإدارات في الوطن العربي تفقد العامل ثقته بنفسه و تحرمه من تطوير أدائه و فكره ، أن في التنوع قوة و في التغيير قوة ولكن مدراء الشركات لا يرونها . كما و أن العامل مقصر بحق نفسه ، تعود على الإهمال و إطاعة الأوامر دون وعي أو فهم ، تعود على اللامبالاة و على مبدأ " الموت مع الجماعة رحمة" و برأيي إن الوضع أصبح فعلا خطير و خطير جدا. 

إجتماعيا، هنا تكمن الكوارث، قبل شهر تقريبا ذهبت مع أحد الأصدقاء للتسوق و أمام أحد المحلات التجارية رأيت فتاة في العشرين من عمرها تصرخ بوحه والدتها أمام الناس و تقول "حلي عني أنا غلطانة الي جبتك معي" لا أدري ما الذي منعني أن "ألطشها كف" و أحكيلها هيه الي غلطانيه الي جابتك على هالدنيا !!! ، أخطر ما في الموضوع الانحدار الأخلاقي و غياب دور الأهل في التربية لو الأم لطشتها كف كان تربت بس القانون بحكي ما تضرب !!! طيب إذا الابناء ما بسمعوا شو نعمل ؟ دائما أقول أن الأجيال الماضية كانت حياتهم أصعب بدنيا ولكنها أكثر أستقرارا ذهنيا و نفسيا ببساطة لان التربية كانت تقتصر على الام و المدرسة أما اليوم فتويتر يربي و فيسبوك يربي و أبل تربي و أندرويد تربي .. طيب كيف بدنا نلحق خصوصا بغياب دور المدرسة و دور المعلم ؟ أين هيبة المعلم ؟ اين أحترام كبار السن ؟ هل الحرية تعني قلة الأدب ؟ 

لو أردت أن أكتب كتابا عن هذا العام و ما مر علي لكتبت بدون مبالغة و لكن قلقي الأن يدور حول ما هو أت و كيف يجب أن نتعامل معه ، شو الحل ؟ من وين نبلش ؟ كيف نثقف الأخرين و نقنعهم بأن الحرية لا تعني بأي شكل من الأشكال إالغاء القيم الحضارية و الأخلاق ، كيف نقول لا بأدب كيف نحارب فساد الذات و كيف نلحق بركب الأمم المتطورة و الفجوة لازالت تتسع و تتسع. 

لم أقصد أن أحبط أحدا ولكني اردت أن أوثق ما نشعر به من تحديات و أتمنى أن أقرأ العام القادم بإذن الله ما كتبت و أقول فعلا أنجزنا الكثير و الحمدلله و فعلا استطعنا أن نغير و فعلا نعم نحن نستطيع. 

حمى الله الأردن و قائده و شعبه و الأمة العربية من كل مكروه